هه‌ینی , ئازار 29 2024
Home / غير مصنف / أديان كوردستان / الصراع في فكر الديانة الزرادشتية

الصراع في فكر الديانة الزرادشتية

عماد عبدالقادر محمد سعيد

قسم التاريخ، فاكلتي العلوم الانسانية، جامعة رابه رين، إقليم كردستان العراق- العراق.

(تاريخ القبول بالنشر: 8 تشرين الثاني 2015 )

ISSN: 2410-7557

مجلة جامعة زاخو، المجلد:4 (B)، العدد:1 ، ص  69-82 ، 2016

الخلاصة:

تعد دراسة الديانة الزرادشتية من بين تلك الاديان التي يصعب دراستها ، فرغم أنها كانت لفترة من الفترات الديانة الرسمية لبعض الدول والكيانات القديمة، لكنها مع ذلك مرت بمراحل خطيرة إثر تعرضها لنكبات ومخاطر داخلية وخارجية جمة، أثرت بشكل أو بأخر على حدوث بعض التغييرات في بعض عقائدها ، ومما زاد من صعوبة البحث في هذه الديانة بروز بعض الافكار والمبادئ التي نفذت الى عدد من الاديان ، ومنها الديانة المسيحية ، فضلاً عن بعض المدارس والحركات الفلسفية – ومنها على سبيل المثال لا الحصر – الغنوصية ، بحيث عرقلت جهود الباحثين في تنسيب تلك الافكار إما الى الزرادشتية ، أو الى الديانات والحركات الفلسفية الاخرى، ولعل من أهم تلك الافكار التي برزت بشكل جلي في الديانة الزرادشية هي فكرة الصراع، بل عدت من إحدى سمات تلك الديانة .

من أجل ذلك فان التعرف الى الديانة السالفة الذكر وتاريخه، وأبرز الافكار التي دعت اليها ،لاسيما تلك الافكار التي لم تبحث بشكل كاف  ، ضروري للابحاث الجادة حول الاديان العالمية ، لذا فان التعرض لدراسة فكرة الصراع في الديانة الزرادشية ، هي محاولة لسد بعض الثغرات وقلة المعلومات عن هذه الفكرة في تلك الديانة ، وكان الهدف المنشود من ذلك السياحة والتلذذ الفكري والعرض الموفي ، مستشهدين ببعض النصوص الدينية الزرادشتية ، إن القيام بمثل هذا العمل لايعني الادعاء بتحقيق  الهدف المطلوب والوصول للكمال في هذا البحث ، لانه من الطبيعي أن تكتب أبحاث أخرى في المستقبل عن هذا الموضوع ، لاسيما أن الكثير من المعالجات السابقة أو التالية لمشكلة الصراع في الديانة الزرادشية ، تحتاج الى التكامل بمثل هذا العمل.

المقدمة:

نالت الدراسات المتعلقة بالديانة الزرادشتية اهمية بالغة وطرحت مواضيع عدة بهذا الخصوص ،فمن الدراسات من وقفت عند تأثير هذه الديانة على الديانات أو  المدارس الفكرية التي تلتها ، والبعض الاخر اكتفت بالتطرق الى تاريخ الزرادشتية والعصور التي مرت بها بحيث تناولت الزرادشيين في العصور الحديثة والمعاصرة، في حين أن أبحاث أخرى عملت على البحث في عقائد وطقوس تلك الديانة ، لكن قلما يكتب الباحثون عن الافكار المختلفة التي تناولتها الديانة السالفة الذكر ، ولعل موضوع الصراع في الديانة التي نحن بصددها من بين تلك المواضيع التي أهملت ، رغم أهميته بالنسبة للثقافة العامة ، وكذلك للثقافة الكردية الخاصة ، نظراً لارتباط الزرادشتية بتاريخ كردستان ارتباطاً وثيقاً ، لذا كان لابد من القاء الضوء على موضوع الصراع في الديانة الزرادشية ، وكان الهدف من ذلك التعرف على بعض الافكار التي نادت بها تلك الديانة ، ولم تدرس بشكل علمي مطلوب ، لذا سنستعرض في هذه العجالة كلمة (الصراع) من الناحية اللغوية والاصطلاحية ، ثم تم تناول نبذة تاريخية عن الزرادشتية والمراحل التي مرت بها ، فيما تضمن المبحث الثاني أثر الصراع في الفكر الزرادشتي ، حيث شمل  الصراع في الاساطير الزرادشتية ،والنصوص والادعية الدينية لها ، وفي النهاية تم التطرق الى دور الانسان في الصراع عند الزرادشتية .

المبحث الأول: نبذة عن تاريخ الصراع والديانة الزرادشتية

اولاً: الصراع لغة واصطلاحاً وتاريخياً:

لعل أول شيء يتبادر الى الذهن ماذا نعني بالصراع والنزاع في اللغة والاصطلاح ، وماهي المراحل التاريخية للصراع عند الانسان وماهي الاسباب التي تؤدي الى حدوث الصراع بين الانسان ؟وغيرها من أسئلة أخرى ،يمكن الاجابة عن بعض منها في هذا البحث المتواضع .

وبما أنه لاضير في الخوض في أصل كلمة الصراع من ناحية اللغة والاصطلاح ، لانه قد يفتح للباحث في هذه المسألة أبواباً اخرى للتعمق فيه والسبر في أغواره ، كما قد يظهر العوامل التي تؤدي لحدوث الصراع بين الافراد والجماعات على حدٍ سواء .

فقد جاء في لدى المعنيين باللغة ،أن الصراع:((مقتبس من صرع ،صرعه صرعاً،اأي  طرحه أرضاً، والصراع معالجتهما أيهما يصرع صاحبه،ورجل صريع أي تلك صنعته التي يُعرف بها، …وصروع للاقران ،أي كثير الصرع لهم ،والصُرعةُ : القوم يصرعون من صارعوا …ومصارع القوم:أي سقوطهم عند  الموت)) (1) ، وفي معاجم لغوية أخرى جاءت الكلمة- أي كلمة الصراع- على الشكل الاتي:((الصرع:الطرح بالارض …وفي التهذيب رجل صريع إذا كان ذلك صفته وحاله التي يُعرف بها ، ورجل صراع إذا كان شديد الصرع وان لم يكن معروفاً، والصُرعةُ هم القوم الذين يصرعون من صارعوا-أي من يصرعُ الناس كثيراً)) (2).

أما الصراع إصطلاحاً : ((فهو النزاع بين قوتين معنويتين تحاول كل منهما أن تحل محل الاخرى ، كالصراع بين رغبتين أو نزعتين أو مبدئين أو وسيلتين أو هدفين وحتى بين القوانين أو الشعوري واللاشعوري)) (3) .

إن كلمة الصراع جاء في لغات عديدة وبهيئات مختلفة ، ففي الفرنسية بشكل (CONFLIT) والانكليزية بهيئة (CONFLICT) واللاتينية على شكل (COFLICTUS)، وهذا يعني وجود الاختلافات القيمية والمصلحية اللتين تنخرطان في سلسلة من الافعال وردود الافعال الارغامية ، التي تهدف الى الحاق الاذى والضرر بالطرف أو الاطراف الاخرى ، مع سعي كل طرف الى تعظيم مكاسبه على حساب الاخرين وتأمين مصادر قوته(4)

من هنا يتبادر الى الذهن السؤال المطروح ، متى بدأ الصراع على وجه الارض؟ وماهي الدوافع التي تؤدي الى حدوث الصراع بين الافراد والجماعات على حد سواء؟ .

على الرغم من صعوبة الاجابة على مثل هذه التساؤلات ، لكن بعض الدراسات في اجابتها على الشطر الاول من السؤال وجدت أن الصراع بدأ مع بداية الحياة ، فالاحياء يتصارعون من أجل البقاء ، أو من أجل السيطرة أو السيادة  أو الحكم أو الجاه  أو بسبب الجهل المطبق وفهم الامور على غير حقائقها ، وقد تبينت لتلك الدراسات أن الصراع موجود في الاساس في عالم الحيوان ، على شكل قتال ضار تتم فيه سيطرة القوي على الضعيف بواسطة القتل والبطش أو سفك الدماء ، وذهبت تلك الدراسات اثناء إشارتها الى ملحمة  (كلكامش)، الى أنه في هذه الملحمة انتهى أول فصل من الصراع بانتصار المدنية على التوحش ، والمعرفة على الجهل ، بواسطة المرأة التي روضت الوحش وذللته(5).

وللاجابة عن الشطر الثاني من السؤال، فان للصراعات  والنزاعات لها أسباب عديدة ، منها الحسد والغيرة والثأر والقتل بواسطة السحر، والتعدي على اراضي الغير ، وقد يستمر الصراع بين فئتين الى أن يتم بقتل فرد أو اكثر من جانب المجموعة المعتدية ، أو التي ينتمي اليها القاتل ، الامر الذي يؤدي بالمجموعة الاكبر الى إعادة المحاولة في وقت أخر، وبعدها تبدأ سلسلة من القتال للثأر ، ومن ثم يتحول الثأر الى جزء من حياة المجتمع (6) .

من جانب أخر ، فان للصراع وجوه مختلفة ، منها (الصراع الفكري ، وصراع الطبقات ، والصراع السياسي، والصراع الحضاري …)وغيرها من الاوجه الاخرى للصراع ، ولعل خير أمثلة الصراع ، والتي قد تكون لها صلة بالموضوع  المطروح ، هو (الصراع الديني) ، والذي يمكن تعريفه بانه الصدام بين الافراد والجماعات الدينية ، بشأن المسائل المختلفة التي يتم تبنيها ، والمتعلقة بالعقيدة والنشاط الديني وقواعد تأسيس المنظمات الدينية ، وقد يأخذ الصراع الديني شكل الخلافات والمناقشات والمواجهات والعداوات والضغائن والحروب الدينية، وقد يحدث الصراع داخل جماعة أو طائفة أو حركة أو ديانة ، كما قد يقع الصراع الديني بين الطوائف والحركات والاديان المختلفة (7) .

وبالرجوع الى النصوص والكتابات والاساطير القديمة ، يتين للباحث الجذور العميقة للصراع ، وقد تمثل هذا  الصراع بين الافراد تارة ، والصراع بين الالهة تارةً أخرى ، ومن اجل التوضيح لاغير ، يمكن الاتيان بمثالين من الاساطير التي كانت لها شهرة  لدى بعض الشعوب والحضارات القديمة ، المثال الاول مأخوذ من إحدى الاساطير والملاحم الرافدينية ( بلاد وادي الرافدين ) والمعروفة ب ( ملحمة كلكامش ) ، ففي تلك الملحمة تظهر الفصول الاولى من ( الصراع ) ، بانتصار   (المدنية)على (البادية والتوحش) و(المعرفة)على (الجهل) ، وهذا الصراع كان على إحدى الهات الحب ، حيث كان  (كلكامش) يتهيأ للقيام بالزواج الالهي المقدس مع تلك الالهة، فمنعه (أنكيدو) ، حيث كان هو الاخر يريد ممارسة هذا الزواج ، فنشب صراع ونزاع حام ٍ بينهما، وقد جاء في العمود السادس من لوحة (كلكامش) التي عثر عليها الاثاريون ما نصه:(( … رأى كلكامش أنكيدو الهائج الذي ولد في البادية ويجلل رأسه الشعر الطويل فانقض عليه وهاجمه، تلاقيا في موضع سوق البلاد ،… أمسك أحدهما بالاخر  وهما متمرسان ( بالصراع) ،  وتصارعا وخارا خوار ثورين وحشيين ، حطما الباب وارتج الجدار ، وظل كلكامش وأنكيدو متماسكين يتصارعان كالثورين الوحشيين )) (8) .

كما برزت مسألة الصراع في اسطورة اخرى ، وتعرف باسطورة (قدموس) (9) ، ويمثل الصراع في هذه الاسطورة  صراع حضارة معرفية متقدمة ، حيث ان قدموس الفينيقي انتزع أظراس  التنين الذي هو رمز ( الوحشية) ، وغرسها في الارض ، فنبتت رجالاً خارقين ، استطاعوا بعدها حكم العالم حضارياً (10) .

ثانيا: نبذة عن المراحل التاريخية للزرادشتية

إن الحديث عن تفاصيل حياة زرادشت ونشأته وترعرعه وحول اسمه ، قد يقلل من قيمة البحث ، نظراً لورود تلك المعلومات التاريخية وتكراره في العديد من المصادر ذات الشأن بالموضوع (11)، لذا فقد ارتأينا عدم التطرق لتلك المعلومات ،والاكتفاء بالاشارة او الاحالة الى تلك المصادر ذات الصلة، لكن المهم ان أغلب المصادر تكاد تتفق على كون هذه الشخصية أي(زرادشت) المؤسس الحقيقي للديانة الزرادشتية ،كما يمكن القول أنه بظهور الديانة الجديدة في القرن السابع قبل الميلاد ، كان له تأثير جلي في تاريخ الشرق القديم بشكل عام ، وتاريخ كوردستان القديم بشكل خاص ، ولم يتوقف هذا التأثير على فترة من الفترات فحسب ، بل إن تأثيرها امتدت لحد العصور الاسلامية .

وأول يمكن الابتداء به فترة الدولة الميدية ، فعلى الرغم من أن الزرادشتية أصبحت ديناً رسمياً للدولة الاخمينية ، لكن يمكن القول أن جذورها تعود للفترة الميدية أيضاً ، فبلاد ميديا مرت بمرحلتين مختلفتين من الناحية الدينية ، المرحلة الاولى وقعت فيها تللك البلاد تحت تأثير المعتقدات الدينية لبلاد وادي الرافدين (12)، أما المرحلة الثانية فتعد مرحلة جذرية من حيث تغير في بعض المفاهيم الدينية في ميديا ، فتغيرت أسماء بعض الالهة التي كانت تعبد من قبل ،فمثلاً تغير اسم (عشتار) الى (اناهيتا)(13)، كما أن بعض القوى الخيرة التي وردت بعد ذلك في الديانة الزرادشتية ، كانت لها جذور تعود بأصولها للفترة الميدية وقبل ظهور زرادشت نفسه ، فضلاً عن ذلك فهناك رأي بان إحدى الاقسام والاجزاء في كتاب الافستا والمعروفة ب (گاثا) ، قد دون بلهجة زرادشت نفسه، وهي لغة قبيلة (الماگيين) الميدية (14)، حيث لعب هؤلاء دوراً مهماً في العصرين الميدي والاخميني ككهنة يقومون باداء المهام الدينية في عهد هاتين الدولتين(15) ، ومن المحتمل أن الدولة الميدية حاولت الاعتماد على دين رسمي للحفاظ على وحدتها ، لذلك وجدت احدى الدراسات الاستشراقية الخاصة ببلاد ميديا ، أن ملوك ميديا تعاونوا مع رجال الدين الزرادشتية ، وكانوا يكلفون (الموغ) بنشر الزرادشتية بين الناس (16).

أما في العهد الاخميني(17)، فقد انتقلت الديانة الزرادشتية الى مرحلة جديدة ،بحيث أصبحت الديانة الرسمية للدولة الاخمينية في عهد ملكها (دارا الاول) (522-486ق.م) (18) ، ويمكن القول ان فترة الملك الاخير تعد فترة جديدة بالنسبة لايران ، وهذا الامر يرجع الى اعماله وانجازاته من الناحية والاقتصادية ،لكن يبقى الجانب الديني هو الابرز من بين تلك الاعمال واكثرها تأثيراً على المجتمع ، فاعترافه بالزرادشتية كدين رسمي لمملكته ، وذكره بان الانتصارات التي حققها في معاركه انما يرجع بفضل الاله (أهورامزدا)، إلا دليل على مكانة هذه الديانة في عهد ذلك الملك ، وعهد خليفتيه (أحشويرش الاول)(486-465ق.م)، و (أرتحشتا الاول) (465-424ق.م) (19) ، فضلاً عن ذلك فان العهد المذكور شهد أمراً أخر ألا وهو أن النصوص الملكية لاتشير قط الى إله أخر سوى الاله (أهورامزدا) ، الامر الذي يبين بوجود اختلاف بين الدين الرسمي للدولة ودين العامة ، علاوة على ذلك فان الزرادشتية لم تسلم من وقوعها تحت تأثير الديانات الاخرى التي كانت منتشرة قبل ظهورها، ولاسيما تلك المتعلقة بالظواهر الطبيعية(20)

مهما يكن فان الديانة السالفة الذكر، لم تبق على حالها من البساطة والتأكيد على فكرة التوحيد ،التي كانت تنادي اليها من قبل ، فبرزت دور بعض الالهة الاخرى التي كانت تعبد من قبل ، ولاسيما الاله (مثرا) (21)،والالهة(أناهيتا)، وتشير المصادر الى أن هذا التغيير حدث في عهد الملك (أرتحشتا الثاني) (404-359ق.م) ، الذي أمر باقامة التماثيل للالهة ولاسيما للالهة أناهيتا في معظم المدن (22)، كما نجد أن المدونات والكتابات الملكية الاخمينية في عهدالملك السالف الذكر،أخذت تشير باستمرار الى ذكر هذين الالهين ، الامر الذي يعني علو شأنها بين الناس والدولة على حد سواء، وتضاؤل مكانة (أهورامزدا) في الجانب الاخر(23).

أما اذا ما انتقلنا الى العهد الفرثي (247ق.م-226ب.م)، فقد تضاءلت مكانة ودور الديانة الزرادشتية ،فلم تنتشر بالشكل المطلوب بين الفرثيين ، بل برزت دور عبادة تلك الالهة التي تخص الظواهر الطبيعية كالنجوم والشمس (24) ، وهناك اشارات عديدة وردت في هذا العهد يثبت هذا الامر، ومن بين تلك الاشارات استمرار عبادة بعض الالهة الى جانب عبادة الاله(أهورامزدا)، ولعل عبادة الالهة (أناهيتا)والاله(مثرا)من بين تلك الامثلة ، ولم يقتصر الامر عند هذا الحد ، بل ان تشييد المعابد في العديد من الولايات والاقاليم الفرثية كانت السمة البارزة في العهد المذكور (25)، كما تجدر الاشارة الى العديد من أسماء الملوك الفرثيين مركبة مع أسماء بعض الالهة التي تم الاشارة اليها أعلاه ، فمن الملوك من سموا ب( ميثرداتس) ، مما يبين مدى مكانة وقدسية الاله (مثرا) بحيث تبركوا به وسموا ابنائهم باسم ذلك الاله (26).

كما أن هناك نقطة اخرى يجب بخصوص تضاؤل مكانة الديانة الزرادشتية وتعرضها لمخاطر شتى في العهد الفرثي، ألا وهي أن الفرثيين عرف عتهم بتساهلهم الديني ، وترك الولايات والاقاليم التابعة لهم على مأثرهم الدينية، بل انهم اتخذوا في بعض الاقاليم عبادة الالهة المحلية وبنوا معابد لها (27).

ويبدو أن الديانة الزرادشتية إجتازت مرحلة الانحطاط والهبوط اثناء العهد الفرثي، الى مرحلة اخرى يمكن الاطلاق عليها بالمرحلة الذهبية لتلك الديانة، تلك هي فترة الدولة الساسانية(226-651م)، حيث تمت اعادة هيبة الدين الزرادشتي في عهد مؤسس الدولة الساسانية الملك (أردشيرالاول)(226-241م)(28)، الذي اتخذ عدة طرق من اجل اعلاء شأن الديانة التي نحن بصددها ، فمن جهة اعلن عن اتخاذه الزرادشتية كدين رسمي للدولة الجديدة (29)، وفي نفس الوقت ربط تلك الديانة بشؤون الملكية والدولة، وما يعزز ذلك إحدى النصوص التي وردت على لسان(أردشيرالاول) قائلاً:((واعلموا إن الملك والدين أخوان توأمان لا قوام لاحدهما إلا بصاحبه لان الدين أس الملك وعماده، ثم  صار الملك بعد حاس الدين ،فلا بد للملك من اس ، ولابد للدين من حارسه، لان مالا حارس له ضائع،وما لا أس له مهدوم))(30)، مما تقدم يظهر أن الملك السالف الذكر ووالملوك الاخرين ارادوا الاستفادة من الزرادشتية من اجل خدمة أهدافهم السياسية ، وذلك بتوحيد الاقاليم تحت راية الديانة الزرادشتية ، وجعلها أساساً متيناً لذلك الكيان .

أما الطريق الثاني الذي سلكه (أردشير الاول) من أجل إعادة هيبة الزرادشتية،فهو  بجمع إجزاء الافستا في كتاب واحد (31)، فأمر بجمع النصوص المبعثرة وبكتابة نص واحد منها ،وفي عهد بعض الملوك الساسانيين أدخلوا في المجموعة من النصوص المقدسة التي جمعها (أردشير) ، نصوص أخرى لاتتعلق بالدين ،بل تبحث في الطب والنجوم، فأضيفت اليها الزيادات الجديدة ، لكن رغم ذلك برزت الخلافات والنزاعات بين رجال الدين ، لذا أمر الملك (شابور الثاني)(310-379م) من أجل وضع حد لهذا الخلاف والصراع الديني بعقد مجمع مقدس ، فتم بموجبه تحديد نصوص الافستا ، وتقسيمها الى واحد وعشرين كتاباً أو قسماً (32).

من خلال ماتم استعراضه سابقاً يتبين أن الدين الزرادشتي مر بمراحل وفترات متباينة ،شهدت خلال تلك الفترات نهوضاً وعلواً بحيث تم اعلاء شأنها وجعلت ديانة رسمية لبعض الكيانات السياسية ، كما دخلت ايضاً في فترات جمود وانكسار  ،إثر مشاركة ومنازعة ومصارعة بعض الاديان الاخرى للديانة الزرادشتية ، الامر الذي أدى الى نشوب الخلافات ووالعداوات والحروب فيما بينها ، وليس ببعيد أن مرور الديانة التي نحن بصددها بمثل تلك المراحل والاحوال غير المستقرة ، وتعرضها للاخطار والتحديات والصراعات ، كانت من بين العوامل التي أثرت في فكرة الصراع لتلك الديانة .

المبحث الثاني: أثر الصراع في الفكر الزرادشتي

تغلغلت فكرة الصراع في الديانة الزرادشتية ، بحيث لم تقتصرعندها على جانب واحد فقط ، بل تعدت جوانب أخرى ، لذا فان دراسة أثر الصراع في فكر الديانة الزرادشتية تعد ذات أهمية بالغة من عدة اعتبارات ، فضلاً عن معرفة مدى بروز الصراع في تلك الديانة ، وماهي الجوانب  التي تغلغلت فيها تلك الفكرة ، قد يفتح المجال للتوصل الى نتائج مهمة ، لعل من أبرزها انعكاس مسألة الصراع على حياة الزرادشتيين والمؤمنين بها في مجالات عدة ، ورغم أهمية الموضوع المطروح ، فان معاجة مثل هذه المواضيع ، خاصة إذا ما تعلقت بالديانة الزرادشتية ، يعد أمراً بالغ الصعوبة ، لاسيما وان المعلومات والنصوص التي تم الحصول عليها ، كانت قليلة ومتفرقة ومضطربة في أنٍ واحدٍ ، كما تميزت بالغموض في العديد من عباراتها ، من هذا المنطلق فقد خصص هذا المبحث للتطرق الى بعض من تلك الجوانب التي تظهر مسألة الصراع .

أولا: الصراع في الاساطير والقصص الزرادشتية :

إن الاساطير بشكل عام تتيح فرصة معرفة تلك الجوانب المبهمة والتي تحتاج لوضوح أكثر ، لذلك كانت الاساطير منذ القدم أمراً لايمكن الاستغناء عنها ، لا لانها ساعدت الناس على جعل معنى لحياتهم فحسب ،  بل لانها كشفت عن مناطق في العقل البشري كان يتعذر الوصول اليها لولا تلك الاساطير(33) ،  ومن يتعمق في الاساطير الخاصة بالزرادشتية ،يرى فيها الكثير من المواضيع التي لها صلة بموضوع الصراع ، وفي الوقت نفسه تزود الباحثين والمؤرخين ببعض الحقائق التاريخية ، وبما أن الديانة الزرادشتية حافلة بالعديد من الاساطير ، فعليه سوف يتم القاء الضوء على البعض منها ذات الصلة بالبحث .

إن من بين أهم الاساطير هي المتعلقة بولادة زرادشت ، حيث يرى الزرادشتيون بان مسألة الصراع بين الخير والشر برزت ملامحه بعد ولادة زرادشت ، في حين أن البعض الاخر منهم كانوا يرون ان الصراع ظهر قبل ولادته ، حيث حاولت القوى الشريرو والشياطين بشتى الاشكال من القضاء عليه (34) ، وتذهب الاساطير بانه لما ولد زرادشت فرح الخيرون واستبشروا بمولده ، لكن بالمقابل فان القوى التي تصارع الخير ، واعني القوى الشريرة فزعت أشد الفزع ، وايقنت أن  مولد زرادشت خطر عليهم ويؤذن بزوالهم ، فبذلت جهوداً لقتل الطفل ، واجتمعت قوى الشر والسحرة ،ودبروا مكيدة من اجل أخذه واختطافه من والديه ، ووضعوه فوق كومة من الحطب ومن ثم أوقدوا له ناراً حامية ، ووفق هذه الاسطورة فان النار لم تحرقه ، بل كانت برداً وسلاماً   عليه(35) ، ويبدو أن القوى الشريرة استمرت في صراعها من أجل إنهاء حياة المولود –ونعني زرادشت- فحاكت العديد من الدسائس والمكائد ، بل وحاولت الشياطين والارواح الشريرة بكافة الوسائ ان تحطمه ، مرة بخنقه باللجوء الى مربية لتتولى هذه المهمة نيابة عنهم ، ومرة اخرى حاولت ان تتركه للذئاب لتمسك به وتلتهمه (36) ، ووفق النصوص الزرادشتية فان جميع المحاولات والمكائد التي دبرتها القوى الشريرة في صراعها المستمر قد باءت بالفشل ، بل انتصرت القوى الخيرة وزرادشت في صراعها ومعركتها مع الشياطين والسحرة (37) .

مهما يكن فان هذه الاشارات القليلة والروايات الخرافية ذات الطابع الاسطوري ، انما تعكس بعض الحقائق التاريخية ، وتنبع وتنكشف في الوقت نفسه ان مسألة الصراع لم تظهر بظهور الديانة الزرادشتية ، انما كان ظهوره قبل ولادة زرادشت نفسه ، واستمر هذا الصراع بعد ولادته حيث حاولت القوى الشريرة بشكل دائم أن تدخل في نفس الانسان الشك وعدم الثقة ، وكل ما هو سيئ وطالح .

من جانب أخر هناك اسطورة اخرى تتناول الحديث عن الطوفان (38)، يظهر موضوع الصراع بجلاء ، وعلى الرغم من أن اسطورة الطوفان في الروايات الزرادشتية تختلف شيئاً عن عن الاساطير المتعلقة بالطوفان التي اوردتها النصوص المسمارية في بلاد وادي الرافدين ،أو حتى في بعض الكتابات السماوية ، التي أكدت على ان سبب الطوفان هو عقلب من الله على الذين خالفوا أوامره ، لكن الروايات الزرادشتية بهذا الخصوص اختلفت نوعاً ما ، حيث رأت أن حادثة الطوفان قد خططتها القوى  المظلمة والشريرة بشكل دقيق ومتناه في سبيل الاطاحة والقضاء على (أهورامزدا) ، كما أن تكرار  ذكر الصراع الدائر بين الريح والماء في الاسطورة ماهو الا تجسيد للصراع الثنائي بين (أهورامزدا) والقوى الخيرة ، ضد (أهريمن) والقوى الشريرة والطالحة (39) .

وفيما يتصل بهذا الموضوع ايضاً، تبرز اسطورة زرادشتية اخرى  لها علاقة بولادة الجنس البشري ، ونظراً لطول هذه الاسطورة ،لذا سنقف عند بعض الامور التي لها صلة بموضوع البحث ، حيث أوردت الروايات الزرادشتية شخصيات مماثلة لادم وحواء ، واطلقت عليهما تسمية (ماشيا= مشه ) و (ماشيدي= مشيانه ) ، واللذان يمثلان عند الزراشتية ب (أخ وأخت البشر) ، وما يهمنا في الامر أن الاله (أهورامزدا) أوصاهما باحترام عقيدته واتباعها ، ويظلا نقيين في افكاهما وكلامهما وافعالهما ، ولايعبدا أي شيطان واعتبراهما سلالة نسب العالم ، لكن (ماشيا)و(ماشيدي) لم يطبقا تلك الاوامر ، فاغراهما القوى الشريرة ودب الخلاف في عقولهما وفسدت ، بل انهما غيرا أراءهما وناديا بان الارواح الشريرة هي التي خلقت (الماء والتراب والنباتات واشياء اخرى) ، ونتيجة لذلك حكم (أهورامزدا) عليهما بعقاب وذلك بان يستقروا في الجحيم (أي الارض) الى أخر الحياة ، وبعد هبوطهما الى الارض أو الجحيم (بحسب الروايات الزرادشتية ) ، دب النزاع ونشب ( أول صراع بينهما)، وكانت صراعاتهما ونزاعاتهما تأخذ (شكلاً عنيفاً) ، فأخذا يصفعان أحدهما الاخر ،ويخدش كل منهما وجنتي الاخر، ويندف كل منهما شعر الاخر (40) .

في ضوء هذه الاساطير التي تم ذكرها سابقاً، يمكن الاشارة الى بروز فكرة الصراع عند الزرادشتيين ،وتغلغلها ونفوذها الى الاساطير والقصص الزرادشتية التي كانت يرويها الزرادشتيون ، والمعلوم أن تلك الاساطير قد اختلفت فيها بعض الحقائق بالخرافات والخيال ، لكن ذلك لايعني انكارها ونفيها بشكل قطعي ،  فهي في نهاية الامر هي تجسيد للواقع الذي كان يعيشه الزرادشتيون من قبل ، وأصبحت السمة البارزة للديانة الزرادشتية .

ثانياً:الصراع في النصوص والادعية الزرادشتية:

لقد حفلت النصوص المقدسة الزرادشتية بالعديد من الاشارات والتلميحات التي تبرز الى فكرة الصراع في هذه الديانة ، وكثرة هذه النصوص المتعلقة بهذه المسألة تظهر أن الفكرة التي نحن بصددها قد نفذت حتى بين النصوص الدينية لتلك الديانة .

وأول تلك النصوص التي يمكن الاشارة اليها هي مايتعلق بالجانب الاخلاقي ، حيث عد زرادشت ال(دريفات) بانهم أتباع الكذب، في حين زرادشت مؤيديه والمعروفين ب(اشوان) بانهم أتباع الصدق والاستقامة، لذا فان الكذب في كتاب الافستا والكتب البهلوية هو المصطلح المستخدم ليمثل المبدأ نفسه للشر ، أي (أنگرامينو)أو(أهريمن) أي الشر أو الروح العدوانية، وهذا العدوان والصراع عدوان ضار وتدمير لحكومة صالحة ونظام ريفي زراعي مسالم ، وقد سأل زرادشت ربه قائلاً :(( اني أسألك عن هذا يارب :ماهو الجزاء الذي سيلاقيه الشخص الذي سيصون المملكة لتابع الكذب ،للشخص الشرير الذي لايستطيع كسب رزقه إلا بارتكاب الاذى للناس ))،وقد استخدمت كلمة لتمثيل دافعه العدواني ولتجسيده وهي كلمة (ايشما) أي الاذى والعنف ، وهذه الكلمة هي من أصل (أيش) والتي تعني الهجوم والحركة العنيفة ، والاذى والعنف كان يستهدف الناس والقطيع ، واثناء هذا (الصراع) ثور نفسه في مأزق وفي عالم يسود فيه القسوة ، بعدها ترددت ترنيمة على لسان الثور الذي يستغيث الى الاله (أهورامزدا) فيسأل روح الثور ربه بالقول:((لمن خلقتني ومن خلقني ؟ فالعنف والضراوة والقسوة والرعب والقوة تحيط بي ، وليس لي مُزارع إلا سواك)) (41) ، في هذه الترنيمة تظهر مسألة الصراع والنزاع والعنف والتدمير بشكل جلي ،وإن غلبت عليها الاسلوب الرمزي ,

وهناك نصوص تبرز المسألة بشكل أكثر دقة ووضوحاً ، منها النص أو النسك الموجود في (الياسنا)، ففيه اشارة الى بداية تكوين الروح وانقسامها الى روحين مختلفين، وبعدها يأتي موقف البشر من الصراع الدائر بين الروحين ، فجاء في النص :((منذ البدء أعلنت الروحان التوأمان عن طبيعة كل منهما:الطيبة والشريرة (سبتامينو وانگرامينو)، فكر طاهر وفكر غير طاهر، وكذلك الكلمات والافعال.. . إذا فهمتم أيها البشر الاوامر التي اعطاها الرب الحكيم ، المعاناة وطول العذاب للشرير، الصحة والخلاص للتقي … فسوف يتجه الكل بعد هذا نحو الافضل ))(42) ، يتضح من خلال ماتم عرضه أن الصراع هو بين من يمثل الخير أهورامزدا ، ومن يمثل الشر وهو أهريمن ، والمبدأن يخللان الكون كله (43) .

من جانب أخر فهناك نصوص وترنيمات اخرى غنية بالمعلومات المهمة ، والتي تظهر فكرة الصراع فيها ، ومن بين تلك النصوص هي بعض الاناشيد الموجودة في (الياشت)، ورغم ما فيها من عبارات متكررة لكنها تمتلك قيمة مهمة ، ففي هذه الاناشيد يتم ذكر أسماء الاله (أهورامزدا)،  لانه وفق اعتقادات الزرادشتية بان القيام بعدَ أسماء (أهورامزدا) هو أفضل دفاع ضد الابالسة الاشرار ، وفي خضم القيام بعد أسماء ذلك الاله تظهر بعض العبارات والكلمات التي تنم أو قد توصل الى نتيجة مفادها بوجود الصراع في هذه الديانة ، ومن بين تلك العبارات على سبيل المثال (سيحطم عداوة الناس والابالسة) ، (يسحق عداوة الناس) ، ( قهر الهاربين) ، (حطم أيها المؤمن المقدس)…الخ ، علاوة على ذلك فان بعض (أسماء أهورامزدا ) هي اشارة ودلالة قوية على وجود الصراع والتنازع في هذا الدين ،فهو يُسمي نفسه باسماء مثل (المدمر ، الساخط، المنتصر، الساحق…الخ)، واشارات اخرى الى السلاح باشكاله .

وبما أن ذكر تلك الانشودة كاملة قد يخرج صاحب البحث عن صلب الموضوع ، لذا ارتأينا اقتباس البعض منها والتي لها صلة مباشرة بالموضوع الذي يراد بحثه ، إذ جاء فيها :(( … زرادشت سببيتاما سأل أهورامزدا ، قل لي أيها الروح القدس خالق الحياة المسطحة أي شيء يؤثر أكثر من الكل من الكلمة المقدسة الاكثر عظمة والاكثر نصرة … وأي شيء أكثر نصرة والاكثر نجاحاً، وأي شيء سيحطم عداوة الناس والابالسة … نطق أهورامزدا :سيكون اسمي يازرادشت سبيتاما من الاسماء المقدسة الخالدة ، ومن بين كلمات الصلوات المقدسة سيكون اسمي الاكثر عظمة الاكثر ظفراً …هو الاكثر نصراً، الاكثر شفاءً ، وسيحطم شكل أكثر عداوة الناس والابالسة…عندئذ ساسحق كل السحرة ولايستطيع أن يقهرني الناس ولا الابالسة ولا السحرة… ونطق أهورامزدا أيها المخلص زرادشت اسمي الذي يُسأل ، الاسم الثاني الذي يحيا في القطيع ، الاسم الثالث الجبار ، الاسم الرابع أنا الحق ،الثالث عشر الاقوى …الخامس عشر المنتصر… عندما يازرادشت تريد أن تسحق عداوة الناس والابالسة والسحرة…،جيش الاعداء الجرار ذو الاعلام الكثيرة المرفوعة المصبوغة بالدماء عندئذ كرر شفهياً هذه الاسماء ليلاً ونهاراً – بعدها يكرر أهورامزدا اسماءه مرة اخرى ومنها- اسمي المطارد،اسمي الحارس، اسمي المدافع… اسمي المدمر، اسمي الساخط، اسمي الساحق …، من في هذا العالم المسطح  يازرادشت سبيتاما ينطق هذه الاسماء ليلاً ونهاراً ،شفاهاً وحفظاً، لايستطيع سلاح الافكار الشريرة أن يقهر الهاربين من الغضب لا في هذا النهار ولا في الليل ، ولاتستطيع المطارق والسهام والسكاكين والصولجانات أن (تصرع) الحجر ، كل هذه الاسماء عشرون للوقاية والحماية من أفكار الكذب ومن هلاك الاثم ومن هلاك الكذاب ، ومن أنگراماينيو وليد جهنم ،الاسماء تعطيك الحماية مثل الف رجل…))(44)

وفي موضع اخر من نفس الانشودة هناك حوار بين أههورامزدا  وزرادشت ، وفيها يأمر أهورامزدا زرادشت والتابعين له بتحطيم اعداءه والانتصار عليهم ، وطرح الشرير أرضاً ، لان النهاية والانتصار الاخير في هذا (الصراع ) سيكون لاهورامزدا والمخلصين له ، وبعكسه سيكون مصير الاشرار هو الهلاك  ، ومما جاء في هذه الانشودة :((… يازرادشت الامين افهم واعرف بعقلي ومعرفتي كيف سيبدو العالم الفاضل وكيف ستبدو نهاية العالم ، الاف الوسائل الاف مؤلفة من الوسائل ، حطم أيها المؤمن المقدس بايمانك المقدس أعدائك وسُد أذانهم ، أمسك مخالبهم واربط أقدامهم وحطمها ،  يا مازدا هل سينتصر الصالح على المنافق أم المنافق على الصالح ؟ … سيكون أهورامزدا الاعظم من بين العظماء ، سيكون الحاكم والقائد وهالك أنگراماينيو ، هو غضب دموي الذي يدفع كل الابالسة نحو الهلاك ، وكذلك كل المذنبين والمنافقين…))(45).

ثالثاً: دور الانسان في الصراع عند الزرادشتية:

وفق نظرة الزرادشتية وعلى العكس من المدارس الفلسفية الاخرى التي كانت ترى أن الروح هي مبدأ الخير وأن المادة هي مبدأ الشر، فان الديانة الزرادشتية تذهب الى رأي مفاده أن الخير والشر يتقاسمان العالم ويختصمان حوله ، سواءاً أـكان عالم المادة ،أم عالم الارواح ، لذا فمن هذا المنطلق يبرز سؤال مهم ، ألا وهو ماهو دور الانسان في الصراع المحتدم في هذا العالم ، وماهو هدفه من هذا الصراع والنزاع القائم ؟ .

المعلوم أن الزرادشتية عممت فكرة الصراع بين الخير والشر على جميع مناحي الحياة (46) ، ومن بين تلك المظاهر التي تجلت في الديانة الزرادشتية بخصوص مسألة الصراع ، هو دور الانسان في ذلك الصراع ، حيث رأت الزرادشتية أن الانسان له حرية الارادة في الصراع المستمر والمعركة المحتدمة بين الخير والشر ، فالزرادشتية تريدهم شخصيات تتمتع بكامل حقوقها وبمقدور الانسان أن يختار إما طريق النور أو طريق الكذب (47) ، حتى لا يشعر بانه خادم للاله (48) .

ورغم ان الزرادشتية أعطت الانسان الحرية في اتخاذ أي طريق يتبعها ، لكنها من جانب أخر ترى أن العالم يخضع لمخطط هو سيرورة تاريخية ، وساحة قتال تقوم فيها معركة عنيفة بين القوى المتعارضة ، لذا يستوجب على الفرد أن يساهم في هذا الصراع والنضال الذي سيؤدي الى تغلب الخير في العالم كله ، وعليه فان الحياة الانسانية يجب أن تدور حولها ، وهذا ما يهبها معنى عنيقاً ويكتسب قيمة لا متناهية ، لان الخير هو كل ما يخدم قضية أهورامزدا ، والشر هو كل ما يتعارض مع انتصارها ويؤخره أو يعرقله ، والهدف الاسمى للانسان على هذه الارض أن يجعلها حصناً يحميها من القوى الشريرة ،  ومن أجل ذلك أكدت إحدى الدراسات الفرنسية المتعلقة بالاديان ، بعد دراستها للدين الزرادشتي ، أن ايران قدمت للعالم أفكاراً  دينية مهمة ، ولعل من بين أهم تلك الافكار فكرة الصراع الهائل والشامل بين الخير والشر (49) .

يتبين مما سبق أن الزرادشتية إرتأت أن تعطي للانسان مكانة ومنزلة بين الكائنات قاطبة ، بدليل أنها أشار ت  الى امتلاك الفرد الحرية في اختيار الطريق الذي يريده ، لكنها في الوقت نفسه  ركزت على ضرورة الوقوف الى جانب طريق الخير والنور ، وأمام الانسان هناك صراع وحرب ومقاومة حامية الوطيس لايتوقف ضد البشر بجميع أشكاله ، ولم تفسر الزرادشتية والمؤمنين بها الشر بصفته وهماً ، ولم تؤيد الفرار من الحياة الجارية والخروج من العالم ، كما أن الحكمة الالهية قد خلقت العالم ولسوف ينتهي هذا العالم بتدخل من هذه الحكمة ، والتفريق التام مابين الخير والشر أصبحت عقيدة كانت ترتكز على التعارض بين عالمين (عالم العادلين ) و (عالم الاشرار) ، والعالمان يشكلان مجموعتين متعاديتين ، واتجاهين عدوين في تاريخ البشر ، كما يشكل صراعهما شطراً عريضاً ومهماً من هذا التاريخ ، وان الكفاح ضد الشر يستلزم مشاركة كل واحد ، كما أنه على كل جيل الاستفادة مما يحققه الماضي ، لذا فمن الضروري العمل من أجل خير الاجيال القادمة ، فانتصار الخير له أهمية اجتماعية ، مما ينجم عنه تجديد للعالم ، وفي نهاية المطاف يصبح البشر جماعة واحدة (50) .

وفي الشأن ذاته ، يشير أحد المؤرخين أثناء لدراسته لبعض الاديان ومنها الزرادشتية ، بان الانسان في الديانة الاخيرة يلعب دوراً كبيراً في الصراع بين الخير والشر ، وتعد ذنوبه انتصاراً لاهريمن ، في حين أن أعماله الطيبة تساعد على انتصار أهورامزدا ، كما أن الانسان في الوقت نفسه هو رأس الحربة-إن صح التعبير- في الصراع ، والعنصر الذي تخطب ود كلا القوتين ، وتنشد إرضاءه بشتى الطرق لجلبه اليهم ، لذا فان تأييد الانسان يعد مهماً في تقرير النتيجة الاخيرة للصراع بين الخير والشر ، أو بين النور والظلمة ، لان الانسان يمتلك العقل وحرية العمل ، الامر الذي يمكنه من إختيار إحد الطريقين أو إحدى الطبيعتين ، وقد إستندت هذه الدراسة الى إحدى النصوص الدينية للزرادشتية ، وفحواها :(( الان وفي البداية فان الروحين التوأمين بينتهما طبيعتيهما الطيبة والشريرة في الفكر والقول والعمل ، وبين الاثنين يتمكن العقلاء دون الاغبياء من الاختيار الحسن )) (51) .

وبما أن النصوص الدينية قد أكدت على أن زرادشت هو الشخص الاول الذي فكر في الخير ، والشخص الاول الذي قال الخير ، والشخص الاول الذي فعل الخير، لذا فعلى الانسان في صراعه الدائم أن لايبقى محايداً ، ويقنع بتجنب الشرور والمظالم والمفاسد فحسب ، بل يتوجب عليه المشاركة في هذه المعركة –وهذا الصراع- لنصرة قوى الخير ومحاربة قوى الشر، وعلاوة على ذلك فقد خُلق الانسان لمساعدة إله الخير في (صراعه) ضد قوى الشر(52) ، وفي الوقت ذاته عليه محاربة الشر وذلك بان يعمل خيراً دائماً ، مهما زين له الشر عمل الشرور ،وإلا زاد في قوة القوى الشريرة ، وأسخط عليه خالقه إله الخير (53) .

من خلال ما ذكر سابقاً ، يتضح بجلاء مدى إعطاء الديانة الزرادشتية للانسان دوراً في الصراع المستمر بين الخير والشر ، لان الصراع عرف سبيله الى بيئة الديانة المذكورة ، بل وأصبحت واحدة من مميزاتها الرئيسة ، كذلك فان الانسان الزرادشتي كان ينظر الى نفسه بانه جزء متميز فيها ، ولابد  له من ممارسة والقيام بهذا الصراع ضد الشر ، على غرار ما كان يقوم به الاله (أهورامزدا) ضد الشر بجميع أشكاله وصوره .

النتائج:

في نهاية البحث يمكن تلخيص أهم النتائج التي تم التوصل اليها في الفقرات التالية وهي :

1-إن الرجوع الى الحقب التاريخية يظهر إن الصراع قد بدأ مع بداية الحياة ، حيث تصارع الاحياء مع بعضهم البعض من أجل البقاء والسيطرة والسيادة والحكم ، وازداد الصراع حدة مع وجود الخلافات والمواجهات والضغائن بين الافراد والجماعات ، بحيث اصبحت جزءأً من حياة المجتمع الانساني .

2- مرت الزرادشتية بمراحل وانعطافات مختلفة ، فاجتازت مراحل ذهبية حتى اصبحت ديناً رسمياً لبعض الدول والكيانات ،في حين انها كثيراً ما دخلت مراحل الجمود وتعرضت للاخطار والتحديات ، ومن المحتمل أن تعرضها لتلك التحديات كانت من بين العوامل التي أثرت في فكرة الصراع لدى الزرادشتية .

3- تغلغلت فكرة الصراع في الديانة المراد بحثها ، ولم تقتصر على جانب واحد فحسب ، بل شملت جوانب مهمة للدين الزرادشتي ، وانعكست على حياة الزرادشتيين والمؤمنين بها .

4- إن الرجوع الى الاساطير والقصص والنصوص الزرادشتية لها فوائد جمة لايمكن للمؤرخ والاديب والمختصين بالدراسات الدينية الاستغناء عنها ،لان الاعتناء والالمام بها ، قد تظهر اموراً دقبقة وافكاراً بالغة الاهمية عند تلك الديانة ، ومنها مسألة الصراع وغيرها ، التي تجسد الواقع الذي عاشه الزراشتيون .

5- ان الصراع عند الديانة الزرادشتية غلب عليه الطابع الديني ، حيث انها كانت تركز على الصراع والخلاف الحاد بين اهورامزدا واهريمن ، أو بين القوى الخيرة والصالحة والقوى الشريرة والسيئة ، وهذا الصراع يستمر لمراحل وفترات ، وبمعنى أخر أن تاريخ العالم هو تاريخ الصراع بين الخير والشر ، لكن الجانب الرئيسي في هذا الصراع ان الخير هو الذي سينتصر في النهاية .

6- لم تهمل الزرادشتية دور الانسان في الصراع الدائم والمحتدم ، واعطته الحرية في اختيار احد الطريقين ،بحيث يكون مصير كل واحد يتكون تبعاً لهذا الاختيار، وفي الوقت نفسه وجدت ان الانسان بفطرته نحو الخير، له دور في الصراع وله مساهمة فعلية فيها من أجل الانتصار والتغلب على الشر وكل ما يمثله ، لان الخير يخدم أهورامزدا ،والشريتعارض مع انتصار الخير، وعليه فان الانسان جزء من هذا الصراع ، ومشاركته في في الصراع والمعركة ضد القوى الشريرة ، ضروري للاجيال القادمة من جانب ، وتأييده للخير يحسم تقرير النتيجة الختامية للصراع لجانب الخير على جانب الشر .

الهوامش:

(1)الخليل بن أحمد الفراهيدي: كتاب العين ،ترتيب و تحقيق عبدالحميد هنداوي، دارالكتب العلمية،(بيروت:2003)، مج2،ص391.

(2) أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم أبن منظور:لسان العرب ،ط8،دار صادر، (بيروت:2008)،مج8،ص227؛غريد الشيخ محمد:المعجم في اللغة والنحو والصرف والاعراب والمصطلحات العلمية والفلسفية والقانونية والحديثة،ط1،النخبة للتأليف والترجمة والنشر،(بيروت:2010)، ج4،ص 180-181.

(3) مزهر الخفاجي: خصائص الشخصية العراقية والشخصية المصرية في التاريخ القديم دراسة في التشكل والتماثل والاختلاف ، بيت الحكمة،(بغداد:2014)،ص186.

(4)عبدالهادي طعمة عفات العتابي: أثر الصراع الفكري الساساني البيزنطي في حضارة العرب 224-652م،ط1، تموز للطباعة والنشروالتوزيع،(دمشق:2013)، ص14.

(5) يوسف الحوراني:البنية الحضارية في الشرق المتوسطي الاسيوي القديم ، دار النهار للنشر،(بيروت:1978)،ص293؛ ميخائيل مسعود وسجيع الجبيلي:الحضارات  الصراع والحوار نظام المصارحة،المؤسسة الحديثة للكتاب ،(طرابلس:2009)،

 ص227.

(6)محمدرياض:الانسان دراسة في النوع والحضارة ،دار النهضة العربية،(بيروت: د.ت)،ص554.

(7)مجموعة من المؤلفين: المعجم العلمي للمعتقدات الدينية،تعريب وتحرير سعد الفيشاوي،مراجعة عبدالرحمن الشيخ ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،(القاهرة:2007) ،ص138.

(8) طه باقر:ملحمة كلكامش ،دار الحرية للطباعة،(بغداد:1975)،ص72-73.

(9)قدموس في الاساطير اليونانية هو ابن (جينور)ملك احدى المدن الفينيقية التي تدعى ب(صيدا) ، وشقيق(اوربا) التي خطفها الاله(زيوس)كبيرالالهة اليونانية ، للمزيد ينظر،زياد سلهب وخالد كيوان: المسكوكات القديمة،مطبعة جامعةدمشق، (دمشق:2011) ، ص17.

(10) ميخائيل مسعود و سجيع الجبيلي: المصدر السابق ، ص227.

(11) ابوالحسن علي بن الحسيني المسعودي:مروج الذهب ومعادن الجوهر، ط5،تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد، دارالفكر،(بيروت:1973)،ج1،ص229-230؛أبوالفتوح محمد بن عبدالكريم الشهرستاني:كتاب الملل والنحل ، تحقيق محمدسيدكيلاني،دار المعرفة ، (بيروت:1982)،ج1،ص236 ؛ عبدالرزاق محمد أسود:المدخل الى دراسة الاديان والمذاهب،الدارالعربية للموسوعات، (بيروت:1981)،مج1،ص33.

(12) تقي الدباغ :الفكرالديني القديم، دار الشؤون الثقافية العامة ،(بغداد:1992) ، ص183.

(13) أناهيتا هي الهة الخصب والماء ، والشبيهة بالربة(اينانا)عندالسومريين ، و(عشتار)عند الاكديين والاشوريين، وقد عبدت هذه الالهة فيما بعد في عهد بعض الملوك الاخمينيين الى جانب الاله أهورامزدا، ينظر،محمودأمهز:في تاريخ الشرق الادنى القديم،دارالنهضة العربية،(بيروت:2009)، ص311.

(14) كان للموغ(الماگيين) دور في العصرين الميدي والاخميني ، فسمح لهم بتعبير رؤى الاحلام،وتقول الروايات أن الملك الميدي(كياكسار) استعان بالموغ لتفسير حلم له، كما أنه كان من الضروري وجود الموغ أثناء تأدية القرابين ،اضافة الى أن الجيوش تصطحبهم للمعارك للقيام برسوم الضحايا، للمزيد عن الموغ(الماكيين) ينظر ، هيرودوت: ميزووى جه نگى   بارسه كان ،وه رگيرانى له يونانيه وه  عه لى فه تحى،خانه ى موكريانى بو جاب وبلاوكردنه وه، لا85،102،106؛ سامي سعيدالاحمد وجمال رشيد : تاريخ الشرق القديم،(بغداد:1988)،ص387؛وحول اسم الموغ ينظر،إدوارد براون:تاريخ الادب في ايران،الترجمة للعربية أحمد كمال الدين حلمي ، ذات السلاسل ، (الكويت: 1984) ،ص75-76.

(15) جمال رشيد أحمد وفوزي رشيد: تاريخ الكرد القديم ،(أربيل:1990)، ص117.

(16) إ.م. دياكونوف : ميديا ، ترجمة وهبية شوكت ،  (دمشق : د.ت) ، ص373.

(17) يعد الاخمينيون من أبرز الدول التي حكمت ايران ووسعت نفوذها على حساب بعض الدول منها دولة ليديا وميديا ودولة بابل الحديثة واسقطتها ، كما كانت لها توسعات حتى بلاد اليونان ،الى أن تم اسقاطها بيد (الاسكندرالمقدوني)، للتوسع عن الاخمينيين ينظر،

A.T.OLMSTEAD: HISTORY OF THE PERSIAN EMPIRE,THE UNIVERSITY OF  CHICAGO  PREESS, (CHICAGO:1948),

وينظر سامي سعيد الاحمد وجمال رشيد احمد:المصدر السابق،ص371-377؛ حسين فهد حماد:موسوعة الاثار التاريخية، دار أسامة للنشر والتوزيع،(عمان:2003)  ،ص9-10.

(18) تقي الدباغ:المصدرالسابق،ص184

(19)طه باقر وأخرون:تاريخ ايران القديم، مطبعة جامعة بغداد،(بغداد:1979) ، ص60؛طه باقر:مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة،حضارة وادي النيل جزيرة العرب وبلاد الشام وبعض الحضارات والامم القديمة بلادايران والاسكندر والسلوقيون، اليونان والرومان ،دار الوراق للنشر المحدودة، (لندن: 2011)، ج2،ص453-469.

(20) R. GHIRSHMAN: IRAN FROM THE EARLIEST  TIMES TO THE ISLAMIC CONQUEST,PENGUIN BOOKS, (ENGLAND;  1978), P 155.

(21) يعد مثرا الهاً للنور عند الايرانيين القدماء،وتعود باصولها للهندو-ارية،وقد اعتبرت الشمس مصدراً واصلاً له، وبعد ظهور الزرادشتية اعتبر مثرا  واحداً من الملائكة،انتشرت عبادة هذا الاله بين الاريين وشعوب الشرق بل أصبحت من أهم الهة الرومان ،للمزيد ينظر،ابراهيم زعرور وعمار النهار:تاريخ الحضارة ، مطبعة جامعة دمشق ،(دمشق:2010-2011)،ص87-88؛محمودفرعون وأرواد العلان:دراسات في تاريخ فارس وحضارتها حتى الفتح العربي،مطبعة جامعة دمشق ، (دمشق:2011-2012)، ص135-137.

 (22)سامي سعيد الاحمد ورضاجواد الهاشمي:تاريخ الشرق الادنى القديم ايران والاناضول،(بغداد:د.ت)، ص109؛ أ.س.ميغوليفسكي:أسرار الالهة والديانات، ط2،ترجمة حسان ميخائيل اسحاق،  منشورات دار علاء الدين ،(دمشق: 2006)،ص80.

(23) R.GHIRSHMAN: op.cit,p156.

وينظر، طه باقر:مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة،ج2،ص474-475.

(24) RICHAR.N.FRYE: THE HISTORY OF ANCIENT IRAN , C.H.Beck sche rerlags buchh and lung ,(Munchen:1984),p230.

(25) طه باقر:مقدمة،ج2،ص532؛ تقي الدباغ: المصدرالسابق، ص191.

(26) RICHARD.N.FRYE: op.cit , p233.

(27) طه باقر وأخرون: المصدرالسابق ، ص105؛ تقي الدباغ: المصدر السابق ، ص191.

(28) قحطان عبدالستار الحديثي وصلاح عبدالهادي الحيدري:دراسات في التاريخ الساساني والبيزنطي،مطبعة جامعة البصرة، (البصرة:1986) ، ص200.

(29) ارثر كريستنسن: ايران في عهد الساسانيين، ترجمة يحيى الخشاب ،دار النهضة العربية،(بيروت:1982)،ص130 ؛ سامي سعيد الاحمد ورضا جواد الهاشمي: المصدر السابق، ص 153.

(30) نصير الكعبي: جدلية الدولة والدين في الفكر الشرقي القديم، ايران في العصر الساساني انموذجاً، منشورات الجمل ، (بيروت:2010)،ص154-155.

(31)مفيد رائف محمود العابد: معالم تاريخ الدولة الساسانية، عصر الاكاسرة226 – 651، دارالفكر، (دمشق:1999)، ص40 .

(32) ارثر كريستنسن: المصدرالسابق، ص130-131؛ قحطان عبدالستار الحديثي وصلاح عبدالهادي الحيدري: المصدرالسابق، ص 201.

(33) كارين أرمسترونغ: تاريخ الاسطورة، ترجمة وجيه قانصو، الدارالعربية للعلوم ناشرون، (بيروت: 2008،ص15-16.

(34) ميرسيا الياد: تاريخ المعتقدات والافكار الدينية، ترجمة عبدالهادي عباس، داردمشق،(دمشق:1986-1987)ج1، ص381.

(35)حامد عبدالقادر: زرادشت الحكيم نبي قدامى الايرانيين حياته وفلسفته ، مكتبة نهضة مصر، (القاهرة: 1956)،ص37-39.

(36)أ.ف.توملين: فلاسفة الشرق ،ط2، ترجمة عبد الحميدسليم، دارالمعارف، (القاهرة: 1994)، ص147.

(37) حامدعبدالقادر: المصدرالسابق، ص39؛ ميرسيا الياد، المصدر السابق، ص381.

 (38) تعد حادثة الطوفان الطوفان من أهم الحوادث التي أثرت على العديد من الشعوب ولاسيما تلك القاطنة في بلاد وادي الرافدين والمجاورة لها ، حيث وجدت هذه القصة في جميع النصوص الادبية لتلك الشعوب ،بل انها نفذت الى بعض الكتب السماوية والتي تناولت كل منها باسلوبها الخاص ،عن قصة الطوفان ينظر، فاضل عبدالواحد علي:الطوفان في المراجع السومرية ،الاهالي للطباعة والنشر،  (دمشق:1999)؛ صموئيل كريمر: من الواح سومر، ترجمة طه باقر، الوراق للنشر المحدودة،(لندن:2010)،ص263-312 .

(39) أ.ف.توملين: المصدر السابق، ص154- 155.

(40) أ.ف.توملين: المصدر نفسه، ص155-156؛ ر.س. زيهنير: الزادشتية الفجر- الغروب، نقله الى العربية وقدم له وزاده بالملاحق سهيل زكار، دار التكوين للطباعة والنشر والتوزيع، (دمشق:2005)، ص153؛ ساهر رافع: تاريخ وحضارة إيران من عصور ما قبل التاريخ وحتى350م، مكتبة النافذة، (الجيزة: 2011)، ص86-94.

(41) ر.س.زيهنير:المصدرالسابق،ص33-34.

(42) ابراهيم محمود:نصوص أفستا وقراءة في النص الافستاني،تموز للطباعة والنشر والتوزيع،_دمشق:2013)،ص183.

(43)ابراهيم محمود: المصدرنفسه ، ص183-184.

(44)خليل عبدالرحمن:أفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية،ط2،روافد للثقافة والفنون، (دمشق:2008) ،ص390-393.

(45)خليل عبدالرحمن:المصدرنفسه، ص395-396.

(46) نايف محمد شبيب:المعتقدات الدينية وأثرها في المجتمع في بلاد ايران قبل الاسلام،دار الكتب العلمية ، (بيروت :2014) ، ص58.

(47)ول ديورانت: قصة الحضارة، نشأة الحضارة الشرق الادنى،ط3، ترجمة زكي نجيب محمود،مطبعة لجنة التأليف والترجمة  والنشر، (القاهرة: 1965)، ج2،مج1، ص432.

(48) ميرسيا الياد، المصدر السابق ، ج1، ص383.

(49) فيليسيان شالي:موجز تاريخ الاديان ، ترجمة عن الفرنسية حافظ الجمالي ، دار طلاس للدراسات والترجمةوالنشر،(دمشق: 1991)، ص132-133،ص139.

(50) البان .ج.ويدجيري: المذاهب الكبرى في التاريخ من كونفوشيوس الى توينبي ، ترجمة ذوقان قرقوط ، دار القلم، (بيروت:1972) ، ص 113-114.

(51) سامي سعيد الاحمد: الاصول الاولى لافكار الشر والشيطان ، مطبعة الجامعة ، (بغداد:1970) ، ص44.

(52) نايف محمد شبيب : المصدر السابق، ص59.

(53) أبكار السقاف : الدين في الهند والصين وايران ، مؤسسة الانتشار العربي، (بيروت:2004)، ص 165.

المصادر والمراجع:

أولاً:المصادر:

1-الشهرستاني:ابو الفتح محمد بن عبدالكريم(ت548ه/1153م)، كتاب الملل والنحل ،تحقيق محمدسيد كيلاني،دار المعرفة،(بيروت:1982).

2-الفراهيدي:الخليل بن أحمد(ت170ه/ 791م)،كتاب العين مرتباً على حروف المعجم ،ترتيب وتحقيق عبدالحميدالهنداوي، دار الكتب العلمية،(بيروت:2003).

3-المسعودي:أبو الحسن علي بن الحسيني (ت346ه/956م)،مروج الذهب ومعادن الجوهر،ط5،تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد،دار الفكر،(بيروت: 1973).

4-ابن منظور:ابي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم(ت711ه/1311م)، لسان العرب ،ط8،دار صادر، (بيروت: 2008).

ثانياً:المراجع العربية والمترجمة للعربية:

1-ابراهيم زعرور وعمارالنهار:تاريخ الحضارة،مطبعة جامعة دمشق، (دمشق: 2011-2012) .

2-ابراهيم محمود:نصوص أفستا وقراءة في النص الافستاني، تموز للطباعة والنشر والتوزيع،(دمشق:2013).

3-أبكارالسقاف:الدين في الهند والصين وايران،مؤسسة الانتشارالعربي،(دمشق : 2004).

4-ارثر كريستنسن:ايران في عهد الساسانيين، ترجمة يحيى الخشاب، دار النهضة العربية،(بيروت:1982).

5-أ.س.ميغوليفسكي:أسرار الالهة والديانات،ط2،ترجمة حسان ميخائيل اسحاق،منشورات دار علاء الدين ، (دمشق:2006) .

6-أ.ف.توملين:فلاسفة الشرق،ط2، ترجمة عبدالحميد سليم ، دارالمعارف ، (القاهرة : 1994) .

7-إ.م.دياكونوف: ميديا ، ترجمة وهبية شوكت،(دمشق:د.ت).

8-البان .ج.ويدجيري:المذاهب الكبرى في التاريخ من كونفوشيوس الى توينبي ، ترجمة ذوقان قرقوط ،(بيروت:1972) .

9- تقي الدباغ:الفكر الديني القديم ، دار الشؤون الثقافية العامة،(بغداد:1992).

10-جمال رشيدأحمد وفوزي رشيد:تاريخ الكرد القديم،(أربيل:1990).

11- حامد عبد القادر: زرادشت الحكيم نبي قدامى الايرانيين حياته وفلسفته، مكتبة نهضة مصر، (القاهرة:1956).

12- حسين فهد حماد:موسوعة الاثار التاريخية ، دار اسامة للنشر والتوزيع ، (عمان:2003) .

13-خليل عبدالرحمن:أفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية،ط2،روافد للثقافة والفنون،(دمشق:2008).

14-عبدالرزاق محمد أسود:المدخل الى دراسة الاديان والمذاهب،الدار العربية للموسوعات،(بيروت:1981).

15-ر.س.زيهنير:الزرادشتية الفجر-الغروب،نقله الى العربية وقدم له وزاده بالملاحق سهيل زكار،دار التكوين للطباعة والنشر والتوزيع ، (دمشق:2005).

16- زياد سلهب وخالد كيوان: المسكوكات القديمة، مطبعة جامعة دمشق، (دمشق : 2011) .

17- سامس سعيد الاحمد: الاصول الاولى لافكار الشر والشيطان،مطبعة الجامعة،(بغداد:1970).

18-سامي سعيدالاحمد وجمال رشيد أحمد:تاريخ الشرق القديم،(بغداد : 1988) .

19-سامي سعيدالاحمدورضاجواد الهاشمي: تاريخ الشرق الادنى القديم ايران والاناضول ، (بغداد: د.ت).

20- ساهررافع:تاريخ وحضارة ايران من عصور ماقبل التاريخ وحتى350م،مكتبة النافذة،(الجيزة:2011).

21-صموئيل كريمر:من الواح سومر، ترجمة طه باقر،الوراق للنشرالمحدودة،(لندن :2010).

22-طه باقر:ملحمة كلكامش ، دار الحرية للطباعة ، (بغداد :1975) .

23-طه باقر وآخرون: تاريخ ايران القديم، مطبعة جامعة بغداد،(بغداد : 1979) .

24-طه باقر:مقدمة قي تاريخ الحضارات القديمة،حضارة وادي النيل جزيرة العرب  وبلاد الشام بعض الحضارات والامم القديمة ،بلادايران والاسكندر والسلوقيون،اليونان والرومان،دارالوراق للنشرالمحدودة ،(لندن: 2011).

25-غريد الشيخ محمد:المعجم في اللغة والنحو والصرف والاعراب والمصطلحات العلمية والفلسفية والقانونية والحديثة ، ط1، النخبة للتأليف والترجمة والنشر، (بيروت : 2010).

26-فاضل عبدالوهاب علي:الطوفان في المراجع السومرية، الاهالي للطباعة والنشر، (دمشق : 1999).

27-فيلسيان شالي:موجز تاريخ الاديان، ترجمة عن الفرنسية حافظ الجمالي ، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر ، (دمشق: 1991) .

28-قحطان عبدالستارالحديثي وصلاح عبدالهادي الحيدري:دراسات في التاريخ الساساني والبيزنطي،مطبعة جامعة البصرة، (البصرة:1986).

29- كارين أرمسترونغ: تاريخ الاسطورة ، ترجمة وجيه قانصو،الدارالعربية للعلوم ناشرون، (بيروت : 2008).

30- مجموعة من المؤلفين: المعجم العلمي للمعتقدات الدينية، تعريب وتحرير سعد الفيشاوي، مراجعة عبدالرحمن الشيخ ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (القاهرة: 2007) .

31-محمد رياض:الانسان دراسة في النوع والحضارة ، دار النهضة العربية ، (بيروت : د.ت) .

32-محمود أمهز:في تاريخ الشرق الادنى القديم، دار النهضة العربية ،( بيروت : 2009) .

33- محمود فرعون وأردواد العلان: دراسات قي تاريخ فارس وحضارتها حتى الفتح العربي،مطبعة جامعة دمشق ، (دمشق:2011-2012).

34-مزهر الخفاجي:خصائص الشخصية العراقية والشخصية المصرية في التاريخ القديم دراسة في التشكل والتماثل والاختلاف ، بيت الحكمة ، (بغداد : 2014).

35- مفيد رائف محمود العابد :معالم تاريخ الدولة الساسانية، عصر الاكاسرة 226-651م، دار الفكر (دمشق:1999). 36- ميخائيل مسعود وسجيع الجبيلي: الحضارات الصراع والحوار نظام المصارحة، المؤسسة الحديثة للكتاب،(طرابلس:2009

37-ميرسيا الياد:تاريخ المعتقدات والافكار الدينية، ترجمة عبدالهادي عباس ، داردمشق ، (دمشق:1986-1987).

38- نايف محمد شبيب:المعتقدات الدينية وأثرها في المجتمع في بلاد ايران قبل الاسلام ، دارالكتب العلمية،(بيروت : 2014) .

39- نصير الكعبي : جدلية الدولة والدين في الفكر الشرقي القديم، إيران العصر الساساني أنموذجاً، منشورات الجمل ، (بيروت : 2010) .

40- عبد الهادي طعمة عفات العتابي: أثر الصراع الفكري الساساني البيزنطي في حضارة العرب 224-652،ط1، تموز للطباعة والنشر والتوزيع ، ( دمشق : 2013).

41- ول ديورانت: قصة الحضارة ، نشأة الحضارة الشرق الادنى ،ط3، ترجمة زكي نجيب محمود، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، ( القاهرة :1965) .

42- يوسف الحوراني : البنية الذهنية الحضارية في الشرق المتوسطي الاسيوي القديم ، دار النهار للنشر ، ( بيروت : 1978) .

ثالثاً: المصدر المترجمة للغة الكوردية:

 1-هيرودوت : ميزووى جه نگى بارسه كان ، وه رگيران له يونانيه وه عه لى فه تحى، خانه ى موكرياني بو جاب وبلاوكردنه وه،(هه ولير:2013) .

رابعاً: المصادر الانكليزية:

1- A.T.OLMSTEAD: HISTORY OF THE PERSIAN EMPIRE, THE UNIVERSITY OF CHICAGO PREESS, (CHICAGO: 1948).

 2-R.GHIRSHMAN: IRAN FROM THE EARLIEST TIMES TO THE ISLAMIC CONQUEST, PENGUIN BOOKS,  ( ENGLAND : 1978)

 3- RICHARD. N.FRYE :THE HISTORY OF ANCIENT IRAN, C.H.Beck sche rerlags buch hand,( Munchen : 1984) .

ثوختة:

فةكولينين لسةر ئايينى زةرةدةشتى ذوان ئاينيَن كو زور زةحمةتة ديراسةت لسةر بيتةكرن، هةرجةندة ئةف ئايينة بويه ئايينةكا فةرمى بو هندةك دةولةت وقةواريَن سياسييَن كةظن، بةلى زيَدةبارى ظىَ  ضةندىَ د ضةند قوناغيَن مةترسيدار وكاودانين نافخويى و دةرةكى دةرباز بوى، وئةف كاودان وبارودوخة كارتيَكرن لسةر طهورينا هندةك بيروباوةريَن ظى ئايينى،  زيَدةبارى ظىَ ضةندىَ ئةركىَ ظان ظةكولينا زةحمةتر بو ثشتى دةركةفتنا هندةك هزران ئةفين ناف هندةك ئايينا وناف هندةك قوتابخانيَت فةلسةفى وةك ئايينىَ (مسيحى) وقوتابخانا (الغنوصية)، كو بزةحمةت بو بزانين كا ئةف هزرة بو ئايينا زةرةدةشتى دزفريت يان ئايين وقوتابخانيت فة لسةفى دزظريت، وئيك ذوان هزر وبيريَن دناف ئايينىَ زةرةدةشت بةربةلاف بوى هزرا وكيَشا ململانىَ، كو ئيك ذ سيما وتايبةتمةنديَن ظى ئايينى نة.

ذبةر ظىَ ضةندىَ وةرطرتنا ثيَزانينا لسةر ظى ئايينى  وديروكا وىَ طرنطة بو ظةكولينا لسةر ئاينيَن دى، زيَدةبارى ظىَ ضةندىَ ظةكولين لسةر بابةتىَ ململانى دناف ئايينىَ  زةرةدةشتى بزاظة بو ثركرنا هندةك بوشايى وكيَماسيا زانياريا لسةر ظىَ هزرىَ، ومفا زجةند دةق وتيَكستين ئايينىَ زةرةدةشتى وةرطرتية.

Abstract:

Zoroastrianism considers as a difficult  religion to study and research , In spite of formal religion in some country was a dangerous stage that faced many difficulties and that had effected internal and external effect to change some of thoughts and concepts that made it more difficult to study some of the thoughts and ideas that come through these religion ,like Christ religion  ,and some philosophical school , like Gnosticism as an example, that was so difficult to return back these thoughts and ideas Zoroastrianism or to some philosophical movements , one of these ideas in side Zoroastrianism religion such as (conflict).

To know this religion that we talked about its history that need for this research about world religion , in spite of  conflict case  research in Zoroastrianism religion is an attempt to full up the gap and a few  information about this religion thoughts as an example for some of the Zoroastrianism religion text as a sample.

 

Facebook Comments Box

About Didar

Check Also

photo_2024-02-08_14-46-01

العلاقات الفارسية – اليهودية وانعكاسها على الواقع المعاصر

  ب. د. فرست مرعي العلاقات الفارسية – اليهودية وانعكاسها على الواقع المعاصر : دون شك …