هه‌ینی , نیسان 19 2024
Home / غير مصنف / أديان كوردستان / تاريخ الصابئة المندائيون

تاريخ الصابئة المندائيون

838616013hglk]hzd,k

تاريخ الصابئة المندائيون

د مانع بن حماد الجهني

الصابئة المندائيَّة هي طائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم، التي تَعتَبِر يحيى عليه السلام نبيًّا لها، ويُقدِّس أصحابها الكواكب والنجوم ويُعظِّمونها، ويُعتبر الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي وكذلك التعميد في المياه الجارية من أهمِّ معالم هذه الديانة، ويُجيز أغلب فقهاء المسلمين أخذ الجزية من معتنقيها أسوةً بالكتابيِّين من اليهود والنصارى.

حقيقة دين الصابئة

ولقد حقَّق شيخ الإسلام ابن تيميَّة في كتاب الردِّ على المنطقيِّين [ط6، ص454 وما بعدها] حقيقة الصابئة كما وردت في القرآن الكريم، فقال ما حاصله: إنَّ الصابئة نوعان؛ صابئةٌ حُنَفَاء، وصابئةٌ مشركون.

أمَّا الصابئة الحُنَفَاء فهم بمنزلة من كان متِّبعًا لشريعة التوراة والإنجيل قبل النسخ والتحريف والتبديل من اليهود والنصارى، وهؤلاء حَمَدَهُم اللهُ وأثنى عليهم، والثابت أنَّ الصابئين قومٌ ليس لهم شريعةٌ مأخوذةٌ عن نبي، وهم قومٌ من المجوس واليهود والنصارى ليس لهم دين، ولكنَّهم عرفوا الله وحده، ولم يُحدِثُوا كفرًا، وهم متمسِّكون “بالإسلام المشترك“؛ وهو عبادة الله وحده، وإيجاب الصدق، والعدل، وتحريم الفواحش، والظلم، ونحو ذلك ممَّا اتَّفقت الرسل على إيجابه وتحريمه، وهم يقولون “لا إله إلا الله” فقط، وليس لهم كتابٌ ولا نبي، والصحيح أنَّهم كانوا موجودين قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأرض اليمن.

وأمَّا الصابئة المشركون فهم قومٌ يعبدون الملائكة، ويقرءون الزبور، ويُصلُّون؛ فهم يعبدون الروحانيَّات العُلْويَّة.

وعلى ذلك فمن دان من الصابئة بدين أهل الكتاب فهو من أهل الكتاب، ومن لم يدن بدين أهل الكتاب فهو مشرك، ومثالهم من يعبد الكواكب؛ كمن كانوا بأرض حرَّان عندما أدركهم الإسلام، وهؤلاء لا يحلُّ أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم وإن أظهروا الإيمان بالنبيِّين، وقد أفتى أبو سعيد الاصطخري أن لا تُقبل الجزية منهم، ونازعه في ذلك جماعةٌ من الفقهاء.

التأسيس وأبرز الشخصيَّات:

• يدَّعي الصابئة المندائيُّون أنَّ دينهم يرجع إلى عهد آدم عليه السلام.

• ينتسبون إلى سام بن نوح عليه السلام، فهم ساميُّون.

• يزعمون أنَّ يحيى عليه السلام هو نبيُّهم الذي أُرسل إليهم.

• كانوا يُقيمون في القدس، وبعد الميلاد طُرِدُوا من فلسطين، فهاجروا إلى مدينة حرَّان فتأثَّروا هناك بمن حولهم، وتأثَّروا بعبدة الكواكب والنجوم من الصابئة الحرَّانيِّين.

– ومن حرَّان هاجروا إلى موطنهم الحالي في جنوب العراق وإيران ومايزالون فيه؛ حيث يُعرفون بصابئة البطائح.

• منهم الكنزبرا الشيخ عبد الله بن الشيخ سام، الذي كان مقيمًا في بغداد سنة 1969م، وهو الرئيس الروحي لهم، وقد كان في عام 1954م يسكن في دارٍ واقعةٍ بجوار السفارة البريطانيَّة في الكرخ ببغداد.

• الانتشار ومواقع النفوذ:

• الصابئة المندائيُّون الحاليُّون ينتشرون على الضفاف السفلى من نهري دجلة والفرات، ويسكنون في منطقة الأهوار وشطِّ العرب، ويكثرون في مدن: العمارة، والناصريَّة، والبصرة، وقلعة صالح، والحلفاية، والزكية، وسوق الشيوخ، والقرنة -وهي موضع اقتران دجلة بالفرات-، وهم موزَّعون على عدد من الألوية، مثل: لواء بغداد، والحلة، والديوانيَّة، والكوت، وكركوك، والموصل. كما يوجد أعدادٌ مختلفةٌ منهم في ناصريَّة المنتفق، والشرش، ونهر صالح، والجبابيش، والسليمانيَّة.

• كذلك ينتشرون في إيران، وتحديدًا على ضفاف نهر الكارون والدز، ويسكنون في مدن إيران الساحلية؛ كالمحمرة، وناصرية الأهواز، وششتر، ودزبول.

• تهدَّمت معابدهم في العراق، ولم يبقَ لهم إلَّا معبدان في قلعة صالح، وقد بنوا معبدًا منديًّا بجوار المصافي في بغداد؛ وذلك لكثرة الصابئين النازحين إلى هناك من أجل العمل.

• يعمل معظمهم في صياغة معدن الفضَّة لتزيين الحلي والأواني والساعات، وتكاد هذه الصناعة تنحصر فيهم؛ لأنَّهم يحرصون على حفظ أسرارها، كما يُجيدون صناعة القوارب الخشبيَّة والحدادة وصناعة الخناجر.

• مهاراتهم في صياغة الفضَّة دفعتهم إلى الرحيل للعمل في بيروت ودمشق والإسكندريَّة، ووصل بعضهم إلى إيطاليا وفرنسا وأميركا.

• ليس لديهم أيُّ طموحٍ سياسي، وهم يتقرَّبون إلى أصحاب الديانات الأخرى بنقاط التَّشابه الموجودة بينهم وبين الآخرين.

وفي النهاية:

إنَّ الصابئة من أقدم الديانات التي تعتقد بأنَّ الخالق واحد، وقد جاء ذكر الصابئين في القرآن باعتبار أنَّهم أتباع دينٍ كتابي، وقد اختلف الفقهاء حول مدى جواز أخذ الجزية منهم إن كانوا أحدثوا في دينهم ما ليس منه، وقد أصبحت هذه الطائفة كأنَّها طائفةٌ وثنيَّةٌ تُشبه صابئة حرَّان الذين وصفهم شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وعمومًا فالإسلام قد جبَّ ما قبله ولم يعد لأيِّ دينٍ من الديانات السابقة مكانٌ بعده.

___________________

المصدر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، المؤلف: الندوة العالمية للشباب الإسلامي، إشراف وتخطيط ومراجعة: د. مانع بن حماد الجهني، الناشر: دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الرابعة، 1420هـ.

مراجع للتوسُّع :

– الصابئة المندائيون: الليدي دراوور، مطبعة الإرشاد – بغداد، 1969م.

– مندائي أو الصابئة الأقدمون: عبد الحميد عبادة، طبع في بغداد، 1927م.

-الصابئة في حاضرهم وماضيهم: عبد الرزاق الحسني، طبعة لبنان، 1970م.

-الكنزاربَّا: وهو كتاب الصابئة الكبير ومنه نسخة في خزانة المتحف العراقي.

– الفهرست: ابن النديم، طبع في القاهرة، 1348هـ.

– المختصر في أخبار البشر: أبي الفداء، طبع في القاهرة، 1325هـ.

– الملل والنحل: الشهرستاني، طبعة لبنان، 1975م.

– معجم البلدان: ياقوت الحموي، طبع في القاهرة، 1906م.

– مقالة لأنستاس الكرملي، مجلة المشرق – بيروت، 1901م.

– مقالة لزويمر، مجلة المقتطف – القاهرة، 1897م.

– مقالة لإبراهيم اليازجي، مجلة البيان – القاهرة، 1897م.

– الموجز في تاريخ الصابئة المندائين العرب البائدة: عبد الفتاح الزهيري، مطبعة الأركان ببغداد، 1403هـ.

– الصلاة المندائية وبعض الطقوس الدينية: رافد الشيخ عبد الله نجم، بغداد، 1988م.

– اعتقادات فرق المسلمين والمشركين: فخر الدين الرازي، القاهرة، 1356هـ.

-إبراهيم أبو الأنبياء: عباس محمود العقاد، دار الكتاب العربي – بيروت، صفحة 139-148، طبعة عام 1386هـ=1967م.

المراجع الأجنبية:

– Handbook of Classical and Modern Mandai, Berlin 1965.
– Mandaean Bibliography, Oxford University Press, 1933.
– Die Mandaer: ihre relligion und ihre Geschichte Muller: Amsterdam 1916.
– Frankfort Dr. Henri Archeology and the Sumerian Problem, Chicago Studies in Ancient Oriental Civilization. No. 4 (Univ. of Chicago Press, 1932).
– J.B. Tavernier, Les Six Voyaojes, Paris 1713.
– M.N. Siouffi, Etudes Sur la religion des Soubbas, Paris 1880.
– E.S. Drower, The Mandaeans of Iraq and Iran, London 1937.
– H. Pognon, Inscriptions Mandaites des Coupes de Khouberir, Paris 1898.

Facebook Comments Box

About GORAN HAkim

Check Also

photo_2024-02-08_14-46-01

العلاقات الفارسية – اليهودية وانعكاسها على الواقع المعاصر

  ب. د. فرست مرعي العلاقات الفارسية – اليهودية وانعكاسها على الواقع المعاصر : دون شك …