شه‌ممه‌ , نیسان 27 2024
Home / غير مصنف / التاريخ المعاصر و الجديد الكوردستان / الكرد لا طالوا بلح العراق ولا عنب الغرب!

الكرد لا طالوا بلح العراق ولا عنب الغرب!

محمد واني

الكرد بسبب موقعهم الجيوبوليتيكي المعقد وكيانهم الصغير في وضع صعب لا يسمح لهم بعقد تحالفات مع قوى دولية وإقليمية ترقى إلى مستوى التحالفات الإستراتيجية وتخدم مصالحهم القومية العليا.

بعد أن جرب الكرد الحكم السني الجائر أو المحسوب على السنة لمدة تزيد عن ثمانين سنة في العراق، وتجرعهم كل أنواع القمع والإبادة الجماعية على أيديهم، جاء دور الشيعة ليجربوا حظهم العاثر معهم وقد أثبتوا أن حكمهم أسوأ من الحكم السني وأضل سبيلا.

عشرون عاما من الفساد المستشري والصراع الطائفي والعنصري والقتل على الهوية والتهرب من تنفيذ مواد الدستور، وعلى رأسها المادة 140 الخاصة بحقوق الكرد التاريخية في الأراضي التي انتزعتها الحكومات العراقية المتعاقبة من خلال عمليات التعريب والتهجير والقمع المنظم، ومن ثم ممارسة سياسة التجويع والحصار الشديد ضد إقليم كردستان وقطع رواتب موظفيه ونقض التعهدات والمواثيق السياسية المبرمة في تحد سافر للدستور والقانون الدولي.

رغم مرور أكثر من مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو (1916) التي قسمت بموجبها منطقة الشرق الأوسط إلى دويلات وممالك متناحرة برعاية وإشراف بريطانيا وفرنسا وبدعم مباشر من روسيا، فإن الولايات المتحدة التي تزعمت القوى العظمى فيما بعد، سارت على نفس السياسة “التقسيمية” الاستعمارية التي أفرزتها تلك الاتفاقية المشؤومة بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، ولم تجر أي تعديل يذكر على الخارطة السياسية للدول. وطبعا ظل الكرد على رأس قائمة المتضررين من هذه التقسيمة الجيوسياسية الجائرة، حيث توزعوا على أربع دول “إسلامية!” ذات أنظمة شوفينية قاسية لا تعرف معنى الرحمة ولا التسامح، تتعامل معهم وفق قانون الغاب؛ القتل والإبادة الجماعية الجاهزة على أي حركة تشم منها رائحة الاستقلال أو الانفصال.

لإعلام الطائفي ما زال ينعت الإقليم الكردي بأنه مرتع للتجسس الغربي – الإسرائيلي في المنطقة.. ضمن حملة إسقاط مستمرة تشن على الشعب الكردي الذي لا طال بلح بغداد ولا عنب الغرب

ورغم دخول الكرد في تحالفات إستراتيجية مهمة مع أميركا والقوى العالمية الكبرى منذ ستينات القرن الماضي، ومن ثم شاركوا مع قواتها  في إخراج قوات صدام حسين من الكويت عام 1991 وإسقاط نظامه الدكتاتوري وتثبيت أركان الدولة “الديمقراطية!” الجديدة، والدفاع عنها من الأخطار المحدقة بها من قبل تنظيم (داعش) الإرهابي، والتضحيات الكبيرة التي تكبدوها على يد مقاتلي هذا التنظيم الإسلامي المتشدد (1720 شهيدا من البيشمركة و10729 جريحا إلى جانب 44 مفقودا)، لم تشفع لهم هذه العلاقات التاريخية الطويلة والتضحيات الجسيمة عند أميركا والتحالف الغربي في دعم عملية الاستفتاء، التي أجريت في العراق عام  2017 والنتائج المبهرة التي تمخضت عنها (93 في المئة صوتوا لصالح الاستقلال)، فإنها لم تعجب أقطاب الغطرسة الاستعمارية ومصالحهم العليا في المنطقة، رغم تبجحهم الدائم بالديمقراطية الزائفة وتصديع رؤوس العالم بشعاراتها الرنانة ليل نهار. فهم لم يرفضوا عملية الاستفتاء فحسب بل أعطوا الضوء الأخضر للجيش والميليشيات العراقية والقوى الإقليمية باقتحام مدينة كركوك الإستراتيجية وطرد قوات البيشمركة منها وانتزاع 51 في المئة من الأراضي المتنازع عليها من يد الكرد.

مرة أخرى تغرز أميركا ومعها بريطانيا وفرنسا خنجرها المسموم في ظهر الأمة الكردية.. ولن تكون الأخيرة بالتأكيد ما دامت مصالحها تقتضي ذلك!

فالكرد بسبب موقعهم الجيوبوليتيكي المعقد وكيانهم الصغير في وضع صعب لا يسمح لهم بعقد تحالفات مع قوى دولية وإقليمية تخدم مصالحهم القومية العليا، فالعلاقة القائمة بينهم وبين أميركا والدول الغربية بشكل عام لم ترق إلى مستوى التحالفات “الإستراتيجية”، ولن تصل إلى هذا المستوى على المدى المنظور بسبب هشاشة الوضع الداخلي للإقليم وعدم توحيد قوات البيشمركة واستمرار التوتر السياسي بينه وبين بغداد، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على إقامة علاقة سويّة مع الدول الغربية.

ومع كل ذلك فما زال الإعلام الطائفي ينعت الإقليم الكردي بأنه مرتع للتجسس الغربي – الإسرائيلي في المنطقة.. ضمن حملة إسقاط مستمرة تشن على الشعب الكردي الذي لا طال بلح بغداد ولا عنب الغرب!

Facebook Comments Box

About yousf nuri

Check Also

photo_2024-02-25_18-36-35

الکرد في كازاخستان

  الكرد في كازاخستان بقلم الدكتور محمد علي الصويركي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ جمهورية كازاخستان أو قزخستان أو قزقستان …